يحكى أنه في قديم الزمان كان هناك رجل في سقطرى يعيش مع ولده الوحيد بمفردهما بعد أن ماتت زوجته وتركت له طفلا صغيرا .يربيه ويعلمه مقاومة ظروف الحياة
كان الرجل يمتلك عددا كبيرا من الأغنام، يذهب بها مع الصباح، هو وابنه الصغير، يعلمه كيف يرعاها ويحافظ عليها وفي نفس الوقت .يعلمه كيف يتعامل مع ما حوله من الناس ومن الحيوانات، يعلمه كيف يحترم الآخرين وكيف يعاملهم معاملة حسنة
.ولكن بعد سنين قليلة مات الرجل أيضا وترك وراءه الولد الصغير يتيما بدون أب ولا أم
.انتقل الولد إلى بيت عمه الذي كان يمتلك عددا كبيرا من الأغنام ولديه مجموعة من الأولاد أيضا
تحول الولد إلى بيت عمه، يذهب كل يوم مع أولاد عمه لرعي الأغنام، فقد وجد نفسه في حياة جديدة ومختلفة نوعا ما، لكن المشترك بين .الحياتين هو رعي الأغنام والاعتناء بها
ولكن كانت الحياة صعبة بالنسبة إليه وكان عمه وأولاده يعاملونه معاملة مختلفة، ويكلفونه بعمل الأشياء التي يصعب عملها، كما أنهم لا .يهتمون لأمره ولا لأمر أغنامه التي بقيت له بعد موت أبيه
وفي أحد الأيام طلب عمه من أولاده أن يذبحوا أحد الأغنام لتكون عشاءً لهم، فقاموا باختيار أحد الأغنام ثم ذبحوها، وطلبوا من الولد أن .يقوم هو بطبخها وتجهيز العشاء لهم جميعا
.كان ذلك في موسم الأمطار في جزيرة سقطرى، وكانت تلك الليلة مظلمة والسماء ملبدة بالغيوم وتنذر بالمطر والسيول
ذهب الرجل وأولاده لجمع الأغنام ووضعها في كهوف آمنة خوفا من أن تأتي السيول وتجرفها إلى البحر. فقد تمكنوا من جمعها وإدخالها .إلى الكهوف ثم إقفال تلك الكهوف بالأحجار كي لا تهرب الأغنام
.تركوا وراءهم الطفل منشغلا بالطبخ وتجهيز وجبة العشاء حتى يعودون من أعمالهم
وبينما كان الطفل منهمكا في الطبخ، سمع صراخ بكاء طفل صغير وراء الأشجار الكثيفة، فتبين له أن هناك امرأة ولدت في الحال، ولاحظ أنها تحتاج المساعدة فأعطاها وشاحه الذي كان يحمله على كتفه، ثم ذهب إلى القدر وأعطاها قطعة من اللحم، فعل كل ذلك دون .أن يسألها من هي ولا ماذا أوصلها إلى هذا المكان المقفر
فلما أعطها الوشاح وقطعة اللحم استدعته وقالت له: يا بني لقد جئت لتساعدني وأعطيتني عشاء وأنت لا تعرفني، لذلك إذا دارت عليك .الأيام وحاصرتك المصائب وصرت محتاجا للمساعدة فما عليك إلا أن تناديني حاديبو وسوف آتي لمساعدتك في الحال
وبعد فترة وجيزة جاء الرجل وأبنائه ليجدوا طعام العشاء قد أصبح جاهزا، جاءوا وهم مرتاحي البال فقد تمكنوا من جمع الأغنام إلى .كهوف آمنة تحميها من الأمطار والسيول
قدم لهم الولد العشاء، ولكنهم انتبهوا إلى أن هناك قطعة ناقصة من اللحم، فقالوا له: أين قطعة اللحم الناقصة؟ فارتبك قليلا ولكنه استدرك .وقال لهم إنه أكلها
فقالوا له: ما دمت قد أكلت قطعة اللحم، فلن تأكل معنا، تكفيك قطعة اللحم التي أكلتها.
.تعشى الرجل وأبنائه وترك ابن أخيه يتضور جوعا
.وماهي إلا لحظات قليلة حتى جاءت الأمطار والغزيرة، والسيول بدأت تدفق من كل مكان
شعر الولد حينها بشدة الجوع يعصر أمعائه، وضاعف ألمه إحساسه بالخوف على أغنامه التي لم يطمئن على مصيرها، فغلبه النعاس .فارتمى في زاوية بعيدة ونام
وفي أثناء النوم حلم أن السيول بدأت تحاصر أغنامه، فتذكر في الحلم تلك المرأة التي وعدته أن تقف إلى جانبه فناداها “حاديبو أنا محتاج .لمساعدة”
وحين طلع الصباح ذهب لتفقد أغنامه فوجدها قد جمعت إلى أماكن آمنة ولم يحصل لها أي شيء ولم يصيبها أي أذى، أما أغنام عمه
.وأبنائه فقد دخلت السيول إلى كهوفها وجرفتها جميعا إلى البحر
سجلتها ونقلتها إلى اللغة العربية: مها علي الدعرهي
حررها: محمد المحفلي