يحكى أنه في قديم الزمان كان هناك رجل عملاق قوي البنية مفتول العضلات من سكان جزيرة سقطرى. فشل هذا العملاق في إيجاد عروس له في الجزيرة فسافر يطوف البلاد بحثاً عن عروس تقبل به لكن كل محاولاته باءت بالفشل أيضا فجميع النساء اللاتي تقدم لخطبتهن رفضن الزواج به لضخامة بنيته وشكله الذي تخاف معه أي امرأة الارتباط به.
وبعد أن يئس من إيجاد زوجة له عاد الى جزيرة سقطرى واستوطن فيها وعمل في زراعة النخيل في أجزاء من أودية الجزيرة.
وشيئاً فشيئاً توسعت زراعته حتى استولى على جميع الأراضي في تلك المناطق، وكلما حاول سكان الجزيرة أن يزرعوا النخيل قام العملاق بتهديدهم ومنعهم من الاقتراب من تلك الأراضي، مستغلاً خوفهم من قوته وضخامة جسده، فكان كلامه وصراخه عليهم كفيلاً بجعلهم يرتعبون ويفرون هاربين.
يقال إن صراخه كان يرج في انحاء الجزيرة، وبقوة جسده كان يستطيع حمل جذع نخلة بمفرده ويأكل في اليوم الواحد قربة ممتلئة من التمر، ومن شدة حبه للتمر كان عندما يشعر بالعطش الشديد في أيام الصيف الحارة يقوم بهرس التمر مع الماء ثم يشرب منه حتى يرتوي.
وفي ذات يوم مرّ رجل من سكان الجزيرة بمزارع النخيل التي يملكها العملاق، ولما رأى ما فيها من التمر والخير الوفير، قال في نفسه لِمَ يستحوذ هذا العملاق على كل هذه الأراضي وحده ويمنعنا من الزراعة؟ لابد من طريقة نقضي بها على تسلط هذا العملاق ونستعيد منه تلك الأراضي.
فذهب إلى أحد حكماء الجزيرة والذي يدعى (نبهي) وحكى له قصة العملاق فقال له نبهي: انتظر حتى دخول فصل الصيف وحينها حاول بكل الطرق أن تتبّع العملاق وتراقبه جيداً دون أن يشعر بك وعليك أن ترصد كل ما يقوله ويفعله وتبلغني به.
فانتظر الرجل حتّى حلّ فصل الصيف وبدأ بمراقبة العملاق كل يوم. وبعد أسبوع من المراقبة، رجع الرجل إلى الحكيم نبهي وقال له: لقد فعلت ما أمرتني به إني كنت أراه كل صباح يحمل جرة السمن معبأة بالماء على ظهره من الوادي إلى مغارته، وعندما يصل يُخرج التمر من القربة ومن ثم يهرسه بالماء في آنية فخارية ويشرب منها وبعد أن يرتوي يقول: يا ليت قلبي مثل قوتي!
فقال له نبهي غداً استعن بثلاثة من الرجال الشجعان واحملوا معكم أسلحتكم واذهبوا لمواجهة العملاق، فقال له الرجل وكيف نقدر على مواجهته وهو ضخم وأكثر منا قوه؟ فقال له نبهي: ستغلبه شجاعتكم. افعل ما قلته لك وستستطيعون القضاء عليه!
وفي صباح اليوم التالي ذهب الرجال لمواجهة العملاق وما أن رآهم يهجمون عليه بأسلحتهم حتى خاف وخارت قواه وبدأ بالفرار إلا أنهم استطاعوا الإمساك به والقضاء عليه بسهولة فذلك العملاق بالرغم من قوة جسده وضخامته فما هو الا شخص جبان وقلبه ضعيف وكان أقصى ما يستطيع فعله هو الصراخ والتهديد.
وماهي الا أيام حتى انتشر خبر مقتل العملاق وفرح أهالي الجزيرة باستعادة أراضيهم التي كان قد سطا عليها العملاق وزرعوا النخيل في الأودية.
سجلتها ونقلتها إلى اللغة العربية: ميسون الدعرهي
حررتها: شذى عبدالعزيز