يتناقل الناس حكاية ساحرة شريرة كانت تتحول هي وابنتها إلى قطتين كبيرتين متوحشتين تفترسان جميع الحيوانات وخاصة الأغنام والضأن، وقد تركت أهل منطقتها يعيشون في هلع وخوف دائم.
وكما يحكي الناس أيضا أن ابنتها تعلمت منها أساليب المكر والتخويف حتى صارت أخطر منها وأكثر بطشا في حيوانات الناس وممتلكاتهم، بل إن الأمر وصل بها إلى استهداف الأطفال الصغار، وأولئك الذين لم يبلغوا سن الفطام، وقد كانت تعمد إلى الصغار الذين يلهون بعيدا عن أهلهم، ثم تغويهم باللعب معهم قبل أن تأخذهم بعيدا وتختفي بهم فلا يرى لهم أحد بعد ذلك أثرا.
وقد استمر هذا الشر من الساحرة وابنتها وانتشر في المنطقة والمناطق المجاورة، ونتيجة لذلك قرر الناس الرحيل، والبحث عن مكان آخر آمن ليحموا أطفالهم وحيواناتهم من شرهما.
ومن بين الذين رحلوا إلى قرية أخرى شاب يدعى زبايد، كان شابا خفيفا، وسريعا، وذكيا. وقد حن به الشوق إلى منطقته الأولى التي طالما سمع أهله يحكون له عنها ليل نهار، فقرر أن يذهب لرؤية منطقته الأولى التي ولد فيها، وحين وصل إلى هناك رأى إحدى أغنامه قد رجعت هي الأخرى مع صغيرها إلى تلك المنطقة الأصلية.
وحينما شاهد غنمته تلك قرر أن يراقبها ليرى ماذا يحدث أو ما الذي سوف يحدث لها، وبينما هو يتابعها من مكان إلى آخر متسترا بالأشجار، رأى الساحرة وهي تقترب من المكان، ثم رآهما وهما يخلعان ثيابهما، وفجأة تحولتا إلى قطتين مفترستين.
اختبأ الشاب في مكانه ثم تسلل إلى ثيابهما وأخذهما، ثم واصل اختباءه ليشاهد ماذا ستفعل هاتين القطتين، وفجأة وجدهما قد أغارتا على الماعز وصغيرها، ثم عادتا للبحث عن ثيابهما، ولكن لم يجدن شيئا.
ظلت الساحرتان بهيئتهما الآدمية يلفان المكان بحثا عن ملابسهما، حيث ظنتا أن الريح قد أخذتها إلى مكان ما، فاشتد بهما الخوف لأنه بغير الثياب التي خلعتا قبل التحول إلى قطة سوف يبقين على هيئتهن الآدمية العارية تلك، ويفقدن كل القدرات السحرية. فبعد خلع الثياب لمرة واحدة فقط تستطيع الساحرة أن تتحول إلى قطة.
وبينما هما في تلك الحالة أصدر الشاب أصواتا ينادي بها على أغنامه، وحين سمعت الساحرة هذا الصوت الغريب الذي لم تعتد عليه من قبل صاحت قائلة: من هذا الذي ينادي على الأغنام في أرضنا التي لا يشاركنا فيها أحد، من هذا الذي يجرؤ على الصياح في أرضنا عند غروب الشمس، وهو مكان قافر أجرد ليس فيه شيء.
رد الشاب زبايد: لقد خرجت من هذا المكان قطة متوحشة تفترس الأغنام وتأكلها ولم تبق شيئا، وبسببها لم تلد الأغنام المحبوبة بكورا، وإذا ولدت فلا تلد مرة أخرى، لقد خرجت من هذا المكان ساحرة ترضع من الأغنام حتى تورمت ضروعها مما جعلها تمرض وتموت.
ثم واصل قائلا: لقد أخذت ثيابكن ولن أرجعها إليكن أبدا، وسوف أخبر الناس عن حقيقتكن، وحقيقة ما تفعلنه في أغنامهم وحيواناتهم وأطفالهم.
ولما سمعت الساحرتان ذلك خافتا خوفا شديدا على نفسيهما لأنهما تعلمان بأنهما سوف تؤخذان إلى البحر وتربطان بصخرة مسطحة على ضهريهما ومن ثم ترميا وتتركان داخل البحر وهذا قانون يطبق في سقطرى في الأزمان الغابرة على من اكتشفت بأنها تمارس السحر.
اقتربت الساحرة العجوز من الشاب زبايد، وظلت تحلف له بأنها نادمة على ما حدث، وبأنهما لن يكررا ما حدث، وظلت تقنعه بان يعيد لهما ملابسهما، ولكنه يعلم بأن تلك خديعة وأنهما قد يعودا لسابق عهدهما في السحر وافتراس حيوانات الناس وأطفالهم.
وبعد إلحاح من الساحرة توصل معها إلى اتفاق أن يعطيها ملابسها هي فقط، وأن يحرق ملابس ابنتها حتى تذهب لتعيش معها في كهف بعيد عن الناس ويخلص الناس من شرهما، وبعد أن نفذ ذلك عاد إلى أهله وقال لهم إنه قتل القطة الساحرة وتخلص منها إلى الأبد.
ووصل خبرها إلى كل أنحاء الجزيرة. وبعد وصول الخبر بموت القطة المفترسة رجع الناس إلى أرضهم ومكان أجدادهم وعاشوا ما تبقى من أعمارهم بأمن واستقرار وهكذا اعتقدوا أنه تم القضاء على الساحرة وابنتها من قبل الشاب زبايد.
سجلها ونقلها إلى اللغة العربية: أحمد عيسى الدعرهي
حررها: محمد المحفلي